الجمعة، 25 فبراير 2011

ستة أسباب فرنسية للقلق من الثورات في العالم العربي

جميعنا في الغرب نصغي اليوم لأوباما الذي يصغي بدوره لبنيامين نتنياهو....
 كتب نضال حمادة
 "لقد كنا أغبياء في تصوراتنا للواقع في بلدان المغرب العربي وها نحن نتخبط في جهلنا وخوفنا من المجهول".
هذا الكلام لبرلماني فرنسي زار بيروت منذ يومين، ويظهر من لهجته مدى ضياع  فرنسا السياسية هذه الأيام إزاء التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم العربي وخصوصا الدول الواقعة شمال أفريقيا التي ترتبط مع الجمهورية الفرنسية بتاريخ طويل من العلاقات إضافة إلى وجود الملايين من أبناء هذه الدول على الأراضي الفرنسية.
ويعترف الكثير من الساسة الفرنسيين والمتابعين للشأن السياسي الفرنسي من صحفيين وباحثين أن الأحداث التونسية ومن بعدها المصرية أخذت فرنسا بغتتا بحيث كان موقف الخارجية الفرنسية متخبطا وهي المعروفة بخبرتها الطويلة بشؤون هذه المنطقة وشجونها.
وإذا كانت فرنسا تخطت ازمة الثورة التونسية بأقل الأضرار معتمدة على العلاقات الوثيقة بين الجيشين التونسي والفرنسي، وارتباط قائد الجيش التونسي بها، فإن عدم اتضاح الرؤية في مصر والثورة الليبية التي تحولت إلى صراع دموي ينذر بحرب اهلية يقض مضاجع باريس التي ترى نفسها مرة اخرى في قلب الحدث المغاربي.
لفرنسا ساركوزي علاقات متينة مع الرئيس الليبي معمر القذافي تعود الى الأيام التي كان فيها ساركوزي وزيرا للداخلية عندما ساعده الأمن الليبي على اكتشاف سيارة مفخخة وضعتها الجماعات الإسلامية الجزائرية في مرسيليا، ثاني اكبر مدينة فرنسية، كما لا ننسى أن أول زيارة قام بها ساركوزي للخارج عقب وصوله لقصر الإليزيه كانت لطرابلس الغرب بذريعة إطلاق سراح الممرضات البلغاريات، وقد ادت هذه الزيارة الى فتح باب العلاقات بين ليبيا وفرنسا على مصراعيه خصوصا في مجالات النفط والغاز والتعاون الأمني المشترك.
لماذا هذا القلق الفرنسي من الأحداث العربية؟يعدد النائب الفرنسي عن الحزب الاشتراكي أسباب القلق الفرنسي من الثورات العربية فيرجعها الى ستة أسباب هي التالية:
أ – عدم وجود  ما يدل على الخروج من حالة الفوضى الحالية في كل من مصر وتونس.
ب – عدم معرفة توجه الإسلاميين في مصر في حال وصلوا الى الحكم.
ج - تزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين خصوصا من تونس باتجاه فرنسا.
د – تفكك هياكل الدولة في ليبيا وانفراط عقد الجيش كمؤسسة.
ه - ارتفاع أسعار النفط بسبب الاضطرابات والتأثيرات الكارثية لهذا الارتفاع على الاقتصاد الغربي برمته.
و – تحرك كثيف لمجموعات من القاعدة في ليبيا خصوصا في مدينة البيضاء وفق تقارير استخبارية فرنسية وعربية.

أكثر ما يقلق الفرنسيين والأوروبيين، يقول النائب الفرنسي، هو أن كلام القذافي عن تنظيم القاعدة ليس مجانبا للحقيقة بل هو يصيبها في الصميم خصوصا في مدينة البيضاء حيث يتواجد المئات من عناصر تنظيم بن لادن أتوا من الجزائر والمغرب وموريتانيا، وهؤلاء سوف يسعون بكل قوة لتشكيل إمارة في المنطقة مستفيدين من الفوضى الأمنية الكبيرة التي تشهدها ليبيا فضلا عن انهيار كامل مؤسسات الدولة الليبية في مناطق واسعة من البلاد بما فيها انهيار الجيش كمؤسسة فعالة وموحدة يمكن لها لعب الدور الذي لعبه الجيشان التونسي والمصري.
ما يلفت في حديث النائب الفرنسي المخضرم قوله إن ما يحدث الآن في ليبيا، أريد له ان يحدث من أجل وقف الانهيارات السهلة للأنظمة العربية، فالحدث الليبي سوف يجعل الكثير من المعارضات في البلدان العربية تفكر مرتين قبل أن تبادر في خطوات ثورية. هذا على الأقل ما أبلغه شمعون بيريز مؤخرا لسفراء دول اوروبية معتمدين في تل ابيب.
"ومن يكفل ان الفوضى خير من تغيير الأنظمة حتى وأن كانت موالية للغرب؟ المشكلة اننا في حيرة من امرنا ولا ندري أين يكمن الحل"، يجيب النائب، مضيفا أننا جميعا في الغرب نصغي اليوم لأوباما الذي يصغي بدوره لبنيامين نتنياهو....

الاثنين، 21 فبراير 2011

الصراع على مليارات عائلة مبارك


كان الجنرال شارل ديغول، الرئيس الفرنسي السابق، يقول (إذا أردت أن يضيع أثر قضية ما فشكل لجنة تبحث في أمرها).

كان الجنرال شارل ديغول، الرئيس الفرنسي السابق، يقول (إذا أردت أن يضيع أثر قضية ما فشكل لجنة تبحث في أمرها).
منطق ديغول هذا يجري  تنفيذه في أيامنا الحالية في قضية ثروة عائلة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والتي تبلغ حسب تقديرات  وسائل إعلام غربية بين 40 و70 مليار دولار. غير أن لجنة ديغول المفترضة، يحل مكانها هنا دول كبرى وصغرى وبنوك حول العالم ومافيا دولية مركزها إسرائيل، وتنشر فروعها كالإخطبوط في كل من لندن، واشنطن، سويسرا، ودبي، وتعمل على إعاقة عمل الباحثين عن أموال الشعب المصري التي نهبتها عائلة مبارك.

ما ذكرناه نورده نقلا عن مصدرين في العاصمة الفرنسية باريس، المصدر الأول نيابي فرنسي والمصدر الثاني عربي ناشط في لجنة ملاحقة ناهبي ثروات الشعب المصري والتي رفعت دعوى قضائية في فرنسا لتجميد أموال عائلة حسني مبارك.

ما هي التحركات التي تجري هذه الأيام في هذا الموضوع؟
ما يتردد في باريس مفاده أن الدولة المصرية طلبت من الولايات المتحدة وأوروبا  تجميد أموال مسؤولين كبار، غير أن ما يجب الإشارة إليه والمثير للانتباه هو استثناء الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك من هذا الطلب. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تبخر الأموال التي يجري البحث عنها، حسب ما قال لنا مصدر في لجنة ملاحقة ناهبي أموال الشعب المصري، وهذا الكلام أكده أيضا (دانيال ليبيك) مسؤول جمعية الشفافية الدولية فرع فرنسا احد أعضاء اللجنة المذكورة حين قال ( هناك سعي لتسوية أمور الرئيس المصري المخلوع عبر  نقل حساباته وتبخرها في العالم وفي بلدان شرق أوسطية).


من هنا يتبين أن كل ما يدور الآن حول حسني ومبارك وعائلته هو بداية الصراع على الثروة الهائلة التي جمعتها العائلة خلال ثلاثين عاما من حكم لم يشاركها به احد، وهناك قوى في السلطة العسكرية لا تريد أن يحاكم مبارك حتى لا يطاولها أذى من أي محاكمة قد تطال مبارك وفترة حكمه.

هذا في الجانب المصري، أما في الجانب الغربي، فتلعب بريطانيا دورا كبيرا  في تبخر هذه الثروة التي يتواجد القسم الأكبر منها في بنوكها. وفي هذا السياق أتى تصريح وزير الخارجية البريطاني عن الحاجة لتعاون دولي من اجل السيطرة على ثروة مبارك وعائلته والحجز عليها. وهذا التصريح يذكرنا بجملة شارل ديغول الشهيرة عن اللجنة التي تشكل ليضيع الأثر وتتبخر الحقيقة.

تصريح الوزير البريطاني يتعارض جملة وتفصيلا مع تصريح لوزيرة الاقتصاد الفرنسي (كريستين لاغارد) التي أعلنت أن فرنسا مستعدة لوضع كل إمكانيتها في مساعدة القضاء المصري للبحث في تجميد أموال وممتلكات الرئيس المصري المخلوع وعائلته. وهنا ندخل في حلقة من حلقات الصراع على مليارات مبارك  من خلال حماسة فرنسا لتجميد أموال تتواجد غالبيتها في بريطانيا بينما يسعى وزير الخارجية البريطاني إلى تعقيد الأمور عبر طلب تحالف دولي حول الموضوع لا تبدو حظوظه بالنجاح كبيرة .

في هذا السياق لا يمكن الجزم بحجم ثروة آل مبارك وتحديد الرقم، غير انه ما تأكد لدينا وبعد أن أطلعتنا لجنة (ملاحقة ناهبي ثروات الشعب المصري) على خمسة عشر وثيقة  قدمتها للمحاكم وتثبت امتلاك مبارك أموال في عدة دول، لا مجال بعده للشك بأن الثروة تبلغ عشرات المليارات من الدولارات.

في الجانب المصري أيضا، لم يعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن نية لاستلام هذا الملف رغم اللغط الواسع الذي يدور في الشارع المصري حوله، بينما قرر فتح ملفات رجال أعمال شاركوا في حكومات مبارك وكانوا أعضاء في الحزب الحاكم، والبعض في لجنة الملاحقة هنا في باريس يقول إنه "لا يمكن لنا وضع الجميع على مستوى واحد".

يبدو أن رجال الأعمال سوف يقدّمون ككبش فداء سهل في هذا الصراع القائم.
فالملاحقات بحق بعض هؤلاء ليست سوى بداية لتصفية  حسابات قديمة بينهم وبين والجيش الذي كان قائده العام محمد حسين طنطاوي معارضا شديدا لحملة الخصخصة الكبيرة التي انتهجها الرئيس المخلوع منذ العام 2002.

في النهاية لا شك بأننا أمام المشاهد الأولى لصراع طويل وفضائحي سوف تطال شظاياه جهات في دول عديدة لن يكون لبنان خارج تأثيراتها كما دلت بعض الوثائق التي جرى إطلاعنا عليها.

لننتظر ونرى، فالمسلسل ما زال  في حلقته الأولى

خريطة التحويلات المصرفية لناهبي ثروات الشعب المصري

لا شك أن ما نكشفه اليوم يدمي القلب وهو مع خطورته وفظاعته لا يمثل الكارثة المالية كلها بل هو جزء من الكارثة التي لحقت بمصر جراء النهب المنظم الذي قامت به عائلة مبارك لثروات مصر والشعب المصري


  لا شك أن ما نكشفه اليوم يدمي القلب وهو مع خطورته وفظاعته لا يمثل الكارثة المالية كلها بل هو جزء من الكارثة التي لحقت بمصر جراء النهب المنظم الذي قامت به عائلة مبارك لثروات مصر والشعب المصري، والتي بدأت تتضح معالمها مع اتضاح المصير المحتوم لسقوط حسني مبارك ونظامه رغم الدعم الأميركي والإسرائيلي الكبير  لبقائه حتى يتم تحضير البديل في عملية التفاف واضحة على ثورة الشعب المصري.

والخبر الفضيحة الذي ننشره هنا مصدره (تجمع المنظمات غير الحكومية لمحاسبة عصابة السراق في مصر) ومقره في باريس وقد حصلت عليه أثناء لقاء مع أحد الحقوقيين الناشطين في التجمع المكون من خمس منظمات غير حكومية دولية ومصرية تتقدمها منظمة الشفافية الدولية واللجنة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة شيربا التي عمل أعضاءها أثناء الثورة التونسية على قضايا الحجز على أموال عائلة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وعائلة زوجته ليلى الطرابلسي. وقد نجحوا في الحصول على قرار قضائي فرنسي بتجميد أموال العائلتين في البنوك الفرنسية ومباشرة التحقيق في سرقات المال العام للشعب التونسي.
وكان التجمع قد كشف عن معلومات خطيرة تتعلق بالوضع التونسي، منها تحويل بيت السفير التونسي، القصر الفخم في الدائرة السابعة في باريس 25 شارع (باربي دو جوي) إلى ملكية ليلى الطرابلسي في العام 2007 بشكل غير شرعي. أحد الكوادر الفعالة في التجمع كشف أمامنا مجموعة من الوثائق التي تحدد الخريطة المصرفية لوسائل النهب المنظمة والكبيرة التي يشهدها المال العام المصري هذه الأيام وقد عرض أمامنا الكادر الحقوقي مجموعة من الوثائق هي نموذج مصغر عن التحويلات الكبيرة للأموال المصرية والتي مصدرها أرض الكنانة  باتجاه بنوك في دول عديدة منها إسرائيل وبريطانيا.
وتكشف تلك الوثائق التي اطلعت عليها، وأتحفظ عن نشرها حاليا بطلب من الكادر الحقوقي، تكشف عن مبالغ هائلة تبلغ مئات الملايين من الدولارات  تخرج من مصر هذه الأيام عبر تحويلات بطرق التفافية وتمويهية بهدف إضاعة الأثر وجعل مهمة البحث عنها تشهد صعوبة في الإمساك برأس الخيط الذي يؤدي إلى كشف الوجهة النهائية لهذه الأموال والجهة أو الجهات التي تصب هذه المبالغ في حساباتها وفي خانتها.
ونعرض فيما يلي مواصفات بعض الوثائق مع الحفاظ على سرية مضامينها تلبية لطلب مصدرها وحفاظا على سلامة تحرك التجمع الذي يعتزم إبرازها في دعاوى قضائية لتجميد أموال عائلة مبارك على غرار ما حصل مع عائلة الرئيس التونسي المخلوع بن علي.
ويبلغ عدد الوثائق ثمانية وسوف نبدأ بالوثائق المصرفية الإسرائيلية وهي تحمل كتابة بالعبرية برأس الصفحة من جهة اليسار كما تحمل أربعة أختام بالعبرية وباسم شخصية معروفة وقيمة المبالغ فيها عدة مئات ملايين من الدولارات.
الوثيقة الثانية تحمل اسم فرع سويسري لبنك بريطاني.
الوثيقة رقم ثلاثة عبارة عن صك تأمين بالبورصة في بنك بريطاني أيضا.
أما الوثائق الباقية فهي عبارة عن سندات خزينة وسندات بورصة بمئات ملايين الدولارات في بنوك غربية غالبيتها بريطاني.

المعلومات المؤكدة تقول إن تحويل الأموال يتم عبر المافيا الروسية في إسرائيل باتجاهات عدة حول العالم مع اعتقاد بأن غالبية الأموال من المقرر إدخالها إلى دبي وما يسمى بالجنان المالية من أشباه الدويلات الأوربية الصغيرة التي تعتبر ملجأ للأموال السوداء وتبييض المال والتحويلات غير المشروعة.
ويبدو أن هناك سياسة مقررة باتجاه إفراغ السوق المصرية من العملة الصعبة بهدف خلق حالة اضطراب اقتصادي كبير تؤدي إلى انهيار الجنيه المصري بشكل سريع ومفتعل عند سقوط نظام مبارك بشكل يمنع أي نظام قادم من التحرك خارج سياسات النظام السابق خصوصا في مواضيع حساسة كالتزام اتفاقيات كامب ديفيد أو التبعية التامة لأميركا في المنطقة العربية وإفريقيا والعالم.
وتتولي شبكات المافيا الروسية في إسرائيل عملية تنقل الأموال وتوزيعها في العالم فيما يتولى النظام المصرفي العالمي المحكوم يهوديا العمليات اللوجيستية والإلكترونية لتحويل هذه الأموال.
شركات النقد العالمي والمصارف الكبرى أمثال (إاس اند باور) (ميري لينش) (غولدمان ساكس) بدأت تنفيذ الخطة عبر تقرير (اس اند باور) الذي خفض قيمة الأمان على الاقتصاد المصري في تقرير بتاريخ 1 شباط الحالي توقع فيه المزيد من الانهيار لهذا الاقتصاد في المستقبل.
جدير ذكره أن بنك (ميري لينش) يتحمل مسؤولية مباشرة عن حجم المديونية اللبنانية الكبير وحالة الفقر المدقع الذي يعيشه غالبية الشعب اللبناني بعدما أوكلت إليه حكومة الرئيس الحريري عام 1993 دراسة سبل إدارة الاقتصاد اللبناني بالشكل الذي أدير فيه خلال العقدين السابقين ما أدى إلى انهيار كامل للوضع الاقتصادي في لبنان.

المواصفات الأميركية للحاكم العربي

موقف الجمعة بقلم نضال حمادة

في معرض حديثها عن التبدل المفاجئ الذي طرأ على المواقف الأميركية والأوروبية من ثورة الشعب المصري هذه الأيام تقول دبلوماسية أوروبية معنية بالأوضاع في دول العالم العربي إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغ الأوروبيين منذ ثلاثة أيام بأنه من غير المسموح أن تتكرر تجربة سقوط الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في مصر.
وتضيف الدبلوماسية الأوروبية أن خيارين تنازعا الموقف الأميركي من انتفاضة الشعب المصري.
الخيار الأول والأكثر عقلانية طرحه وزير الدفاع الأميركي "روبرت غيتس" الذي يعتبر أن الأولوية هي في الحفاظ على ما يمكن من النظام المصري مع ضرورة التخلي عن الرئيس حسني مبارك وتسليم جماعة أميركا رئاسة الجمهورية مع إعطاء رئاسة الوزراء للشارع كما حصل في تونس.
وخيار ثاني طرحته إسرائيل ويقول بأن الأولوية الأساس هي دعم مبارك أو أي شخص يحافظ على المصالح الغربية والإسرائيلية أيا يكن هذا الشخص. وسرعان ما اتخذ هذا الخيار في البيت الأبيض الذي غير موقفه بناء على طلب وجهه إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومضمون الموقف الإسرائيلي الحفاظ على الرئيس حسني مبارك في سدة الرئاسة في مصر حاليا حتى يتسنى توفير البديل.

وتقول الدبلوماسية الأوروبية أن أوباما أخبر الأوروبيين بخياره هذا مساء يوم الاثنين 29 كانون الثاني الماضي. وتم إبلاغ القيادات الأوروبية أن أميركا تتواصل مباشرة مع قيادة الجيش المصري التي تتلقى دعما ماديا مباشرا من الولايات المتحدة، وذلك بهدف تحييد القوات المسلحة حاليا وضمان عدم تحركها لحسم الموضوع، كما جرى في تونس حيث أجبر الجيش التونسي الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي مغادرة البلاد، وذلك بناء على قرار اتخذه رشيد بن عمار قائد الجيش التونسي. وكان بن عمار تلقى دعما أميركيا وفرنسيا مباشرا في بقائه في منصبه بعد قرار بن علي عزله ورفضت قيادة الأركان في الجيش التونسي قرار بن علي وأبقت على رشيد بن عمار في منصبه بناء على تدخل فرنسي مباشر كما بات معلوما .

بناء على ما ذكر، يبدو أن الإدارة الأميركية اعتمدت سياسة عملية على الأرض مغايرة للتصريحات العلنية للمسؤولين الأميركيين، وبدا الدعم الغربي للرئيس المصري حسني مبارك غير محدود، وظهرت بشائر الدعم الغربي في الخطاب الثاني الذي أذاعه الرئيس المصري، وبدا فيه متشددا وغير مبال بالتظاهرات، بينما بدأت في الدول الغربية مضايقات أمنية على الناشطين الداعمين لثورة الشعب المصري. وتجلت هذه المواقف الغربية بوضوح في موقف الداخلية الفرنسية التي رفضت إعطاء تصريح بالتظاهر أمام المسلة المصرية في ساحة الكونكورد لجمعيات حقوقية وسياسية عربية وفرنسية. وقال المسوؤل في الداخلية الفرنسية للناشطين الذين سألوه عن سبب منع ترخيص للتظاهرة: "هذا قرار سياسي". وعندما توجه إليه ناشط يساري فرنسي بالسوآل: انتم الآن في خدمة مبارك؟ أجابه المسؤول:" إنها أوامر عليا".

من ناحية ثانية عملت الولايات المتحدة على تحريك جماعات معارضة لدول عربية على خلاف أميركا كما حصل مع جماعات سورية موالية للولايات المتحدة والمنضوية تحت إعلان دمشق، حيث رفضت هذه الجماعات إدانة الرئيس المصري حسني مبارك في البيان الختامي لاجتماعها الذي عقد الأسبوع الماضي في بروكسيل، وانبرى مسؤول الإعلان في الخارج ليقول إن "نظام مبارك موال لأميركا ونحن لا نريد إضعافه"، فيما لوحظ غياب هذه المجموعات السورية عن المظاهرات المؤيدة لثورة الشعب المصري والتي تشهدها باريس يوميا منذ اندلاع الثورة المصرية ضد نظام الرئيس حسني مبارك .

الآن وبعد انتهاء الأسبوع الأول على ثورة الشعب المصري وبعد اتضاح صعوبة إيقاف التظاهرات المنادية بسقوط نظام مبارك، أصبح الموقف الأميركي أكثر صعوبة وتعقيدا في تمرير السلطة لرجل النظام القوي والحليف الأمني لإسرائيل وأميركا عمر سليمان. ذلك أن دوائر القرار الأميركية والإسرائيلية لم تعد على يقين من قدرة سليمان على الإمساك بالشارع في حال رحل حسني مبارك، ويبدو أن أميركا قررت التدخل ميدانيا بشكل مباشر عبر إرسال مجموعة من أربعين خبيرا في الشؤون الأمنية وعمليات مكافحة حركات التمرد، لمساعدة النظام على إدارة المعركة تقنيا وإعلاميا، فيما اتصلت الخارجية الأميركية بقيادة حزب الوفد المعارض الذي زار نائب رئيسه واشنطن مطلع هذا الأسبوع، فيما حصل الاتصال مع الإخوان المسلمين في مصر عبر سفارتي أميركا في باريس وبروكسيل، وذلك للوقوف على رأي الأحزاب المصرية من التزامات النظام المصري الحالي الدولية في حال تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه، لأن المصلحة الأميركية مع أي رئيس أو نظام عربي تبقى في موقفه من إسرائيل أولا وأخيرا .